مجموعة النبراس الثقافية

عدد الزيارات : 684كلمات آرامية مازالت حية في العامية العراقية / بقلم : جسام السعيدي


بتصرف من الكاتب: صباح مال الله ـ لندن
احتفظت لنا الذاكرة العراقية بالكثير من الكلمات والتعابير باللغة الأكدية العراقية القديمة ( بلهجتيها البابلية والآشورية) وقد اعتمدت على الكتابة المسمارية التي ورثتها من شقيقتها السالفة السومرية، وقد ظلت الأكدية سائدة اكثر من ألفي عام،  حتى احتلال بابل عام 539 قبل الميلاد، حيث حلت محلها تدريجياً اللغة الآرامية التي تعتبر مزيجا من الكنعانية الشامية والأكدية العراقية.

 بدأت اللغة الآرامية تنتشر في العراق وعموم الشرق القديم وتمكنت من أن تحل محل الاكدية السابقة بسبب اعتمادها على الكتابة الحروفية السهلة والعملية والتي ما زالت مستخدمة من قبل أبناء العراق من الصابئة المندائيين، بلهجتها المندائية، وبعض المسيحيين في العراق وبلاد الشام، بلهجاتها الأخرى ومنها السريانية.

بعد انتشار الإسلام ومعه اللغة العربية ظلت الآرامية (السريانية) تلعب دورا أساسيا في الحياة الثقافية في العراق والشام من خلال رفدها للعربية بالعبارات والمصلحات والمفردات الجديدة، وذلك عبر الدور الكبير الذي لعبه المترجمون السريان من مسيحيين وصابئة.

وبهذا فإن من الطبيعي جدا، ان هذه اللغة الآرامية (وريثة الأكدية والسومرية) التي كانت لغة العراقيين جميعهم، قد دخلت مفرداتها في اللغة العربية الداخلة للعراق حديثاً أواسط القرن السابع الميلادي (13 هـ وما بعدها)، وبصورة تدريجية وطبيعية، وذابت الآرامية في العربية كما يذوب الثلج في الماء، بحيث يمكن الجزم بان اللهجة العراقية بجميع تنوعاتها، ما هي إلا بقايا اللغات العراقية القديمة (الاكدية بلهجتيها البابلية والآشورية، والآرامية) بعدما ارتدت زي اللغة العربية.

ان الدراسة الصحيحة والمقارنة العميقة تؤكد لنا انه لا زال في اللهجة العراقية ما لا يحصى من المفردات والتعابير وأساليب اللحن واللفظ والتصوير اللغوي من اللغات (السومرية والاكدية والآرامية) .

 لقد اتيح لي التعرف على جذور الكثير من هذه الكلمات والتعابير عندما بدأت بدراسة اللغة الآرامية القديمة،  ضمن منهاج الدراسات العليا الذي اقوم به، وسأقدم لك عزيزي القارئ  فيما يلي، جزء بسيط  منها، وهي غيض من فيض كما يقال:

 مسـﮔوف : السمك المسـﮔوف هو ملك المائدة العراقية،  ومسـﮔوف من الفعل الآرامي [ س ق ف ]  اي خوزق (سيَّخ) ،  ومسكوف يعني مخوزق (مسيَّخ)، وذلك لأن من يشوي السمكة  يقوم بشقها من الظهر وينظفها ثم يخوزق (يسيَّخ) السمكة عرضيا بأسياخ (أوتاد) خشبية  ترفعها عن الأرض وهي تقابل النار .

 

يـَشجر : يشجر التنور بمعنى يحمي التنور،  ويشـﮔـر بالآرامية من مشـﮔـور، وهو شجر الطرفاء المعروف الذي يحمى به التنور او الآتون.

 

ﭽـا : يستخدم أهل جنوبنا الحبيب هذه الكلمة المحببة بكثرة، فيقولون:  ﭽـا شلون ؟ بمعنى كيف إذن، ﭽـا شفت شلون؟ بمعنى هل رأيت كيف، وﭽـا ليش ؟ بمعنى لماذا اذن، وتأتي كأداة ربط يصعب ترجمتها حرفيا مثل [ﭽـا  شمدريني] و [ﭽـا وينك] وهكذا، وهذه الكلمة مقتصرة على العراقيين فقط، وأصلها من كا او قا الآرامية، وهي بنفس المعنى، تحولت الكاف الى (ﭽـ) ch  مثلما تحولت كلمة كلب الى ﭽـلب و كف الى ﭽـف وهكذا.

 

طرئوزي  :  خيار القثاء، ترع أوزي [ ترع عوز]، قرية قرب حران وتعني  باب الزهرة، وكان صابئة حران يزرعون هذا النبات الحلو في اطرافها،  والذي ينتسب الى عائلة الخيار والبطيخ، لفوائده الطبية.

عَزة : تقول النساء العراقيات عزا بمعنى ـ المصيبة ـ  والعزا [ أزا] بالارامية: هي  النار المتقدة ـ  الحريق اوالكارثة التي تنجم عنه.

طرﮔـاعه : هيجان عظيم، واضطراب شديد.  وهي مشتقة من الجذر الثلاثي الآرامي [ ط ر ق] بمعنى :  يخفق، يخلط، يقلق (الهدوء والسكينة)،  فنقول [طرﮒ البيض] أو[ طرﮒ اللبن] بمعنى خفقه وحركه، و [ طرﮔـا أو طرﮔـاءة ] ـ اصبحت بعدئذ طرﮔـاعة ـ هي بمعنى :  تشويش، اضطراب، إقلاق، إزعاج، وفوضى.

تمريخ : من تمروخ الآرامية بمعنى الدعك او المساج، يقول العراقيون: مرّخوله رجلة وفاخ من الوجع، أي دعكوا قدمه وارتاح من الألم .

يفوخ :  وهي من الجذر الآرامي [ فوخ] بمعنى  ينفخ، يهب، يطلق ريحا، يرتاح، يقول العراقي: افوّخ الجمجمة بمعنى أريح الرأس.

يدگ حدادي :  يقولها العراقي عندما يقع بورطة لا يعرف لها منفذا ومعناها بالآرامية:  يضرب كفا بكف.

اسليمة :  تعبير (اسليمة كرْ فـَتـَـه ) يطلقه العراقي على من لا يطيقه، و (سليمة او سليموت) بالبابلية  والآرامية تعني الموت او شبح الموت، والفعل ﮔـرف يعني  جرف اي أخذ، وعبارة (اسليمة كرفته) عبارة تمني بمعنى: ليت الموت يأخذه (البعيد عنكم). 

 

بوري  : يستخدم العراقيون كلمة [ بوري ]  للدلالة على الانبوب، وكلمة [ بوري ] هي كلمة عراقية اكدية قديمة تعني قصبة البردي المجوفة، وهو  النبات المشهورالذي ينبت بأهوار العراق، ومنها جاءت كلمة [بارية] وجمعها [بواري]  اي حصيرة القصب، ابتكر العراقيون معنى آخر للبوري  فيقولون اليوم: فلانا انضرب بوري،  بمعنى نـُصـب عليه، احتالوا عليه واستغفلوه.

بلا بوش :  قليل الحياء، الذي لا يستحي، بلا:  تعنى  بدون،  و (بوش) كلمة آرامية قديمة تعني الخفر او  الحياء، وبلا بوش، تقال للشخص القبيح الأخلاق اي( بلا حياء )، أما البوش أو البوشي فهو النقاب. 

حريشي: صمم، سكون او موت، يقولون: يطبّه حريشي، اي ليصيبه ( يضربه) الصمم، الموت.

رﮔـه : سلحفاة؛ من الأكدية وهي: رقو .

صريفة : من صريف السومرية / الأكدية،  بمعنى كوخ القصب.

يزي : يكفى، تم، كمل.  نقول يزي عاد، اي يكفي الان.

صـﮔـله : لعبة يمارسها الأطفال في العراق هي كلمة آرامية تعني: تكويم الحصى.

كرَّز ـ  كرزّات: قطـّع؛ يقال كرز فلان الحب أي قطع (قشور) البذور بأسنانها، ومنه جاءت كلمة (كرزات) العراقية، اي مكسرات، كما يسميها بعض العرب. و البابلي كان يقول: كرز  فلان فلانا، أي اتهمه بالباطل.  وحالياً يقول البعض (ﮔـصّه) اي اغتابه. 

دوش : على وزن (خوش)، يقول العراقيون عن اللحمة الدهينة: لحمة دوش، ودشَـن هو السمين بالآرامية.

عود أو عودين :  على وزن بعدين، ظرف زمان آرامي بمعنى عندئذ.

ماطول : كلمة آرامية تعني بسبب، مادام، وترد  في السريانية بنفس المعنى ايضاً، نقول: ما أطب بيتك ماطول  بيه فلان. اي لا ادخل بيتك بسبب وجود فلان (الذي لا ارغب برؤيته) بداخله.

إلّح : يقول العراقيون: اخوية الـ [ لّح] وعمي الـ [لّح]  بمعنى أخي شقيقي وعمي أخ أبي، وهي كلمة آرامية / عبرية تعني القريب جدا (ءلح).

بوجي : بعض العراقيين يسمون الكلب الصغير ( بوجي) . و [البوﮔـي]  في البابلية والآرامية  كائنات روحانية أو اشباح، ومنها جاءت كلمة [ بعبع].

شاغ، وشاغت روحه: أي ذهبت روحه وغاب وعيه [ من الألم أو غيره ]. وهي  من الفعل الآرامي [ ش غ ا]  بمعنى : يضيع، يُفقد، يضيّع الهدف، ينتشي، يحيد عن، يخطأ.

 

 
  9 / ذو القعدة / 1445  |  2024 / 05 / 18        الزيارات : 4536315        صلاة الصبح |        صلاة الظهر والعصر |        صلاة المغرب والعشاء |