مجموعة النبراس الثقافية

عدد الزيارات : 1584رقية بنت الحسين (ع) بين النفي والإثبات / بقلم : رقية الموسوي


رقية بنت الحسين (ع) بين النفي والإثبات

بقلم : رقية الموسوي

للوصول للحقيقة التاريخية لا يمكن الاقتصار على كتاب واحد وندعي صحته وعدم صحة غيره ، بل لابد من أن تجمع القرائن والشواهد للوصول الى الحقيقة ، نعم قد تقدم بعض كتبنا التاريخية على كتب المخالفين ، لكن ليس الامر دائما هكذا ، خصوصا اذا كانت مصادرنا ساكتة عن ذلك ، في حين هناك اثبات في كتب الاخرين .

فرقية عليها السلام وان لم تذكر في بعض كتبنا ، إلا أن ذلك لا ينفي وجودها حيث ان المشهور هو ان القبر الموجود منسوب اليها ، فيكفي لإثبات ذلك وروده في بعض كتب المخالفين مع عدم وجود المعارض له .

المصادر التي ذكرتها

وممن ذكرها من المحدثين القدماء علي بن الحسين الإربلي صاحب كتاب كشف الغمة في معرفة الأئمة ، ألفه عام(687 هـ) نقل عن كمال الدين للصدوق (381 هـ) فقال : (إن للإمام الحسين عليه السلام ستة أولاد ذكور وأربع أناث) إلا أنه عند ذكره لأسمائهن ذكر ثلاث وهن : (زينب ، وسكينة ، وفاطمة) ، ولم يتطرق لاسم الرابعة .

وفي الفصول المهمة لم يصرح بن الصباغ المالكي بالرابعة أيضا : (قال الشيخ كمال الدين بن طلحة : كان للحسين عليه السلام من الأولاد ذكوراً واناثاً عشرة ، ستة ذكور وأربع اناث . . . وأما البنات فزينب وسكينة وفاطمة هذا قول المشهور) .

ومن المحتمل ان يقال أن الرابعة هي رقية عليها السلام ، التي ذكرها غير واحد ، من أمثال :

ـ     ابن فندق البيهقي (565 هـ) حيث أورد في لباب الأنساب أسماء بنات الحسين عليه السلام كالتالي : (فاطمة ، اُمّها اُمّ إسحاق بنت طلحة ، سكينة ، اُمّها الرباب بنت امرئ القيس بن عدي ، زينب ـ ماتت صغيرة ـ اُمّها شهربانو بنت يزد جرد ، اُمّ كلثوم ـ ماتت صغيرة ـ اُمّها شهربانو بنت يزد جرد) ، وكما نلاحظ فإنّه لم يذكر رقيّة خلال إحصائه لبنات الإمام عليه السلام ، رغم أنّه ذكر أنّ عددهنّ يبلغ أربعا ، إلا أنه يكتب في بيانه للأولاد الذين تبقّوا من ذرّية الإمام قائلاً : (ولم يبق من أولاده إلاّ زين العابدين عليه السلام وفاطمة وسكينة ورقيّة) ومن الممكن أن يقال : إنّ رقيّة هي نفسها اُمّ كلثوم ، ولا يقال أن هذه العبارة تشعر بأنّ رقيّة عاشت لسنوات طويلة بعد حادثة كربلاء والأسر إلى الشام ، مثل السجاد وفاطمة وسكينة ، إذ أن المراد من بقي بعد يوم عاشوراء .

ـ    السيد بن طاووس (664هـ) في كتابه الملهوف حيث نقل عن الإمام الحسين عليه السلام قوله : (يا اختاه يا أم كلثوم وأنت يا زينب وأنت يا رقية وأنت يا فاطمة وأنت يا رباب ، انظرن إذ أنا قتلت فلا تشققن علي جيبا) .

ـ   القندوزي (1294هـ) في ينابيع المودة أن الحسين عليه السلام نادى : (يا أم كلثوم ، و يا سكينة ، و يا رقية ، و يا عاتكة ، و يا زينب ، و يا أهل بيتي عليكن مني السلام) .

وقد أشكل البعض بأن كلام الإمام الحسين عليه السلام لا يثبت وجود بنت له باسم رقية ، بل لعل المراد منها هي رقية بنت الإمام علي عليه السلام ؟!

وجوابه : إن الذي يبعد احتمال كونها بنت أمير المؤمنين عليه السلام ما ذكره سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص حيث قال : (وقد زاد ابن اسحاق في املاء فاطمة من علي عليه السلام : محسناً مات صغيراً ، وزاد الليث رقية ماتت صغيرة ايضاً) ، وبناءاً على هذا لا يمكن القول بأنها المقصودة في كلام الإمام الحسين عليه السلام لأن الفاصل الزماني بين وفاة أمير المؤمنين عليه السلام وما بعد وقعة الطف يخرجها عن كونها صغيره .

ومن كلام للشيخ محمد مهدي المازندراني الحائري في كتابه معالي السبطين قال : (كتب محمد بن طلحة الشافعي وغيره من علماء الشيعة والسنة أن للإمام الحسين عليه السلام ستة أولاد وأربع بنات) . ثم تطرق لأسماء البنات فقال : (أما البنات فهن : سكينة فاطمة الصغرى، فاطمة الكبرى، ورقية عليها السلام) ، واضاف أيضاً فقال : (أمّا السيدة رقية عليها السلام فكان عمرها خمس أو سبع سنوات وقد توفت في الشام . . . ) ، ثم ذكر لها مواقف مهمة في الطف مع والدها الإمام الحسين عليه السلام وبعد شهادته ، ونقل ما قاله الشعراني (ان رقية بنت الحسين مدفونة في المشهد القريب من جامع دار الخليفة أمير المؤمنين يزيد ومعها جماعة من أهل البيت) .

وذكر السيد الأمين في كتابه أعيان الشيعة : (رقية بنت الحسين عليه السلام : ينسب إليها قبر ومشهد مزور بمحلة العمارة من دمشق الله اعلم بصحته جدده الميرزا علي اصغر خان وزير الصدارة في إيران عام 1323 وقد ارخت ذلك بتاريخ منقوش فوق الباب أقول فيه من أبيات:

له ذو الرتبة العليـا علي             وزير الصدر في إيران جدد

وقد ارختها تزهو سناء              بقـبـر رقـيـة مــن آل احمد )

 

المصادر التي ذكرت حادثة وفاتها

وأما حادثة وفاتها عليها السلام فقد ذكرتها مصادر عديدة أقدمها : كتاب كامل بهائي لعماد الدين الطبري (۷۰۰ هـ) ، وربما بعده كتاب روضة الشهداء لملا حسين السبزواري (910 هـ) ، وبعده كتاب المنتخب لفخر الدين الطريحي (1085 هـ ) وهناك مصادر 3 أخرى بعده اطلعت عليها ، وفي هذه المصادر الست اختلاف في تفاصيل وفاتها وتحديد عمرها أهي في الثالثة أم الرابعة .

 

قبرها عليها السلام

أما بشأن قبرها فأقدم وثيقة تعود إلى القرن العاشر الهجري في ما ذكره محمّد بن أبي طالب الحائري الكركي (كان حيّا في عام 955 هـ ) في كتاب تسلية المجالس ، وأخرى في القرن الثالث عشر في ما ذكره الشبلنجي في نور الأبصار ، إلا أن هذه المصادر لم تصرح بأنه للسيدة رقية عليها السلام ، وقد صرح بذلك الشيخ محمّد هاشم الخراساني في النصف الأوّل من القرن الرابع عشر .

وقد ذكر غير واحد منهم الشبلنجي : أن جدران قبرها تعيبت فأرادوا إخراجها منه لتجديده فلم يستطع أحد من غير أبناء الرسول (ص) أن يمسها فحضر شخص يدعى السيد ابن مرتضى فنزل في قبرها واخرجها فإذا هي بنت صغيرة دون البلوغ .

ولا بأس بالالتفات إلى ما ظهر لها من الكرامات في قبرها عليها السلام وإلى نقل الدمشقيين جيل عن جيل خبر دفنها في هذا المكان وغير ذلك من الأدلة العقلية والنقلية .

أمها عليها السلام

وقد وقع الخلاف في تحديد أُمّ السيدة رقية عليها السلام نتج عنه قولان :

1) أنّ أمّها هي (رباب بنت امرئ القيس) .

2) أنّ أمّها هي (شاهزنان ابنة يزدجرد) .

والثاني هو المنقول عن الشافعي في كتابه ، وعليه تكون أخت الإمام السجاد (عليهما السلام) ، إلا أن التأريخ يروي لنا وفاة أُمّ الإمام السجاد (عليه السلام) في نفاسها في المدينة بعد أيام قلائل من ولادة الإمام السجاد (عليه السلام) ، لذا فالأقرب هو القول الأول .

النجف الأشرف ، 22 محرم 1437 هـ

 
  21 / شوال / 1445  |  2024 / 04 / 30        الزيارات : 4523773        صلاة الصبح |        صلاة الظهر والعصر |        صلاة المغرب والعشاء |