من أحكام خصوم الزهراء عليها السلام
بقلم : بعض طلبته
من إفادات سماحة الأستاذ السيد طعمة الجابري لطلبته بعد إكمال الدرس في يوم الأربعاء بمناسبة ذكرى إستشهاد البضعة المظلومة عليها السلام 1435 هـ :
أشار سماحة السيد أنّا لا نريد أن نفتري على أحد ، ولا نريد أن نبخس الناس أشيائهم ، وما نذكره إنما هو من كلامهم واعترافات ألسنهم , وإليكم خلاصة ما أفاده سماحة السيد في محاضرته القيمة مع بعض الإضافات إذ وجه سماحته الطلبة لتتميم المطلب وتخريج النصوص :
من هم خصوم الزهراء (ع) و ما الدليل على ذلك ؟
خصومها هم أصحاب أبيها (ص) الذين اعتدوا عليها وغصبوها حقها فماتت وهي غاضبة عليهم ، يقول ابن أبي الحديد في شرح النهج 6 \ 50 : ( الصحيح عندي أنها ماتت وهي واجدة على أبي بكر وعمر ، وأنها أوصت ألا يُصليا عليها ، وذلك عند أصحابنا من الأمور المغفورة لهما ، وكان الأولى بهما إكرامها واحترام منزلها ) ، وفي صحيح البخاري 5 \ 52 : ( فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت ) .
وجدت : أي غضبت (يُنظر لسان العرب 15 \ 157)
وقد علموا بفداحة فعلهم فندموا عليه ولات حين مندم ، ويشهد لذلك ما رواه الذهبي في ميزان الاعتدال 3 \ 108 - 109 : عن عبد الرحمن بن عوف لما عاد أبا بكر في مرض موته قاله له : ( ما أرى بك بأسا والحمد لله ، فلا تأس على الدنيا ، فو الله إن علمناك إلا كنت صالحا مصلحا . فقال : إني لا آسى على شيء إلا على ثلاث وددت أنى لم أفعلهن : وددت أنى لم أكشف بيت فاطمة وتركته ، وإن أغلق على الحرب ... ) .
يقول ابن أبي الحديد في شرحه 20 \ 24 : ( فندم والندم لا يكون إلا عن ذنب ) .
من أحكام خصوم الزهراء (عليها السلام) :
وإليكم أهم أحكامهم مستدلين عليها بالكتاب والسنة :
(1) لا يجوز في شرع الله توليهم ، ولا تجوز ولايتهم :
قال تعالى : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ)) الممتحنة 13
يقول الحاكم النيسابوري في المستدرك 3 \ 154 : ( قال رسول الله (ص) لفاطمة : ان الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك . هذا حديث صحيح الاسناد ) .
وروي هذا الحديث في مصادر شتى منها : اُُسد الغابة 5 \ 522 ، كنز العمال 6 \ 219 وغيرها . وفي رواية (إن الرب يغضب ...) .
إذن من غضبت عليه فاطمة (ع) فالله يغضب عليه ، ومن يغضب عليه الله لا يجوز توليه ، وفاطمة (ع) كما ذكرنا سابقاً ماتت وهي واجدة وغاضبة على خصومها .
(2) مطرودون من رحمة الله في الدنيا والآخرة ، وهذا غاية الطرد ، فهو طرد في الدارين :
قال تعالى : (( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا )) الأحزاب 57 .
وقد روى مسلم في صحيحه 7 \ 141 : ( عن المسور بن مخرمة قال : قال رسول الله (ص) : إنما فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها ) . وكذا في صحيح الترمذي 2 \ 19 ، مسند أحمد 4 \ 5 ، 328 ، صحيح البخاري 6 \ 158 .
وقد آذى القوم فاطمة جسدياً ونفسياً ، وأي أذى أكثر من :
• إسقاط الجنين بالرفس كما يروي ذلك الذهبي في ميزان الإعتدال 1 \ 139 ، وعبر عنه الصفدي في الوافي بالوفيات 5 \ 347 بضرب البطن ، حيث يقول : ( إن عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتى ألقت المحسن ) .
• عصرها بالباب كما في إثبات الوصية للمسعودي 143 .
• والوكز ، واللطم ، وغصب فدك ، والخلافة ، وإجبار أمير المؤمنين على البيعة ، ومنعها من البكاء على أبيها . . . وغيرها من الظلامات التي وردت في كتبهم
وهناك كثير من الأحكام لم يتسع الوقت لذكرها فنصح الأستاذ الطلبة بالبحث وأكتفي بحكم واحد ، وكفى به وبما قبله في سلب شرعيتهم وإثبات سخط الله عليهم :
(3) مهدوري الدم :
ذكر ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 14 \ 192 أن النبي (ص) أهدر دم هبار بن الأسود لأنه قام بعد معركة بدر بترويع ابنته زينب بالرمح وهي في الهودج وكانت حاملاًً فأسقطت جنينها ، وقد قرأ ابن أبي الحديد هذا الخبر على شيخه فقال : إذا كان رسول الله (ص) أباح دم هبار بن الأسود لأنه روع زينب فألقت ذا بطنها ، فظهر الحال إنه لو كان حيا لأباح دم من روع فاطمة حتى ألقت ذا بطنها .
ولكن مع ذلك نجد أمير المؤمنين عليه السلام لم يتعرض لهم بسوء وكان منقذهم من الضلالة والجهالة يلتجؤون إليه في الملمات ، حتى قال قائلهم : (لولا علي لهلك عمر) .
أكتفي بهذا القدر فالحديث يطول والمقام لا يتسع . رزقنا الله شفاعتها ووفقنا لطاعتها والاقتداء بهدي أبيها (ص) كي لا نكون ممن تخاصمهم بأبي هي وأمي يوم القيامة .
كما وأدعو في الختام إلى ما نصحنا به الأستاذ دام نفعه من التدبر في سيرتهم عليهم السلام وانتقاء ما ننقل ونتحدث به على أسس علمية بعيداًً عن التعصب والضوضاء ، فنحن أبناء الدليل أينما مال نميل ، وبحمد الله فالكتب مليئة بالأدلة القاطعة على صدق معتقداتنا ، وما علينا إلا أن نقرأ التأريخ قراءة موضوعية .