مجموعة النبراس الثقافية

عدد الزيارات : 585الغيبة / بقلم : الشيخ ضياء السعداوي


الغيبة

بقلم : الشيخ ضياء السعداوي

·  الغيبة : وهي أن تذكر  المؤمن بعيب :

(1) في غيبته ، (2) مما يكون مستوراً عن الناس ، 

سواء أكان بقصد الانتقاص منه أم لا، وسواء أكان العيب في بدنه ، أم في نسبه ، أم في خلقه ، أم في فعله ، أم في قوله ، أم في دينه ، أم في دنياه ، أم في غير ذلك مما يكون عيباً مستوراً عن الناس .

·   لا فرق في العيب المذكور بين أن يكون :

    (1) بالقول (2) أم بالفعل الحاكي عن وجود العيب .

·   تختص الغيبة بصورة وجود سامع يقصد إفهامه وإعلامه أو ما هو في حكم ذلك.

·  لا بد فيها من تعيين المغتاب فلو قال: (واحد من أهل البلد جبان) لا يكون غيبة، وكذا لو قال: (أحد أولاد زيد جبان)، نعم قد يحرم ذلك من جهة لزوم الإهانة والانتقاص لا من جهة الغيبة.

·  يجب عند وقوع الغيبة التوبة والندم، والأحوط استحباباً الاستحلال من الشخص المغتاب ـ إذا لم تترتب على ذلك مفسدة ـ أو الاستغفار له.

·  يجب النهي عن الغيبة بمناط وجوب النهي عن المنكر مع توفر شروطه، والأحوط الأولى لسامعها أن ينصر المغتاب و يردّ عنه ما لم يستلزم محذوراً ([1]).

 

موارد جواز الغيبة

- (منها) المتجاهر بالفسق فيجوز اغتيابه في غير العيب المستتر به.

- (منها) الظالم لغيره فيجوز للمظلوم غيبته والأحوط وجوباً الاقتصار على ما لو كانت الغيبة بقصد الانتصار لا مطلقاً.

- (منها) نصح المؤمن فتجوز الغيبة بقصد النصح كما لو استشاره شخص في تزويج امرأة فيجوز نصحه وإن استلزم إظهار عيبها، بل يجوز ذلك ابتداءً بدون استشارة إذا علم بترتب مفسدة عظيمة على ترك النصيحة.

- (منها) ما لو قصد بالغيبة ردع المغتاب عن المنكر فيما إذا لم يمكن الردع بغيرها.

- (منها) ما لو خيف على الدين من الشخص المغتاب فتجوز غيبته لئلا يترتب الضرر الديني.

- (منها) جرح الشهود.

- (منها) ما لو خيف على المغتاب أن يقع في الضرر اللازم حفظه عن الوقوع فيه فتجوز غيبته لدفع ذلك عنه.

- (منها) القدح في المقالات الباطلة وإن أدّى ذلك إلى نقص في قائلها.

 

لماذا يستغيب الناس ؟

1.  الشعور بالنقص وحسد الآخرين ، فان المغتاب يحاول سد شعوره بالنقص بذكر مساوئ الآخرين ممن يظن أنهم أفضل حالا منه.

2. مجاملة الأقران والرفاق ومشاركتهم ومسايرتهم فيما يخوضون فيه من الغيبة دون الانتباه الى محتوى الكلام الذي يتكلمون به سوية ونوعية ذلك الكلام الذي لا يعدو ان يكون هذرا بلا طائل .

3.  ظن المغتاب في غيره ظناً سيئاً ، كمن يتوهم ان فلانا من الناس ينظر اليه بعين الشك والريبة والانتقاص، فيستعجل المغتاب ويبدأ بذم المقابل واغتيابه من دون ان يتأكد من وساوسه، وهذا بلا شك من وساوس الشيطان ومزالقه الخطيرة.

4. أن يتهم المغتاب بشيء فيحاول أن يبرئ نفسه من تلك الاتهامات ، او يحاول ان يشرك غيره فيها , فينسبها الى غيره  وقد يزيد عليها أموراً اخرى كانت خفية على الاخرين وقد قام هو بفضحها وكشفها للناس في محاولة منه لتبرئة نفسه وهذا عين الغيبة بل قد يخالطه البهتان: وهو ان تقول في اخيك ما ليس فيه.

5. تزكية النفس ومحاولة الارتفاع فوق الاخرين ، وذلك بالانتقاص من الاخرين وذمهم وهذا الشعور مع انه يؤدي الى الغيبة والبهتان كذلك يؤدي بالإنسان الى التكبر والتعالي على الآخرين وفي هذا ما لا يحمد عقباه.

6. الاستهزاء والسخرية وتحقير الآخرين ، وذلك لقلة إيمان المغتاب وقلة ورعه وغفلته، وعلى العموم يمكن ارجاع كل تلك البواعث مجتمعة الى تمكن الشيطان وسيطرته على الانسان الغافل , فإنه وراء كل معصية يرتكبها الإنسان ([2]) .

·  *  أكل لحوم البشر *  قال تعالى : (ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم) ([3]).

·  *  الغيبة والبهتان *  روي أن رسول الله ص أوصى ابا ذر فقال : (... يا أبا ذر، إياك و الغيبة، فإن الغيبة أشد من الزنا ! قلت يا رسول الله، و ما ذاك بأبي أنت و أمي ؟ قال ص : لأن الرجل يزني فيتوب إلى الله فيتوب الله عليه، و الغيبة لا تغفر حتى يغفرها صاحبها.  يا أبا ذر، سباب المسلم فسوق، و قتاله كفر، وأكل لحمه من معاصي الله، و حرمة ماله كحرمة دمه. قلت: يا رسول الله، ما الغيبة  ؟ قال ص :  ذكرك أخاك بما يكرهه. قلت يا رسول الله، فإن كان فيه ذاك الذي يذكر به ؟ قال ص : اعلم إذا ذكرته بما هو فيه فقد اغتبته، و إذا ذكرته بما ليس فيه فقد بهته ([4]).

·  *  ذهبت حسناتك لمن اغتبت  *  عن النبي ص أنه قال: يؤتى بأحد يوم القيامة يوقف بين يدي الله، ويدفع إليه كتابه فلا يرى حسناته، فيقول: إلهي، ليس هذا كتابي، فإني لا أرى فيها طاعتي، فيقال له: إنّ ربك لا يضل ولا ينسى، ذهب عملك باغتياب الناس، ثم يؤتى بآخر ويدفع إليه كتابه فيرى فيه طاعات كثيرة، فيقول: إلهي، ما هذا كتابي، فإني ما عملت هذه الطاعات ! فيقال: لأن فلاناً اغتابك فدفعت حسناته إليك ([5]).

·  عن أمير المؤمنين ع : (الغيبة شر الإفك) ، (من اقبح اللؤم  غيبة الاخيار) ، (من اولع بالغيبة شتم) ، (لا تعوّد نفسك الغيبة فان معتادها عظيم الجرم) ، (الغيبة آية المنافق) ، (الغيبة جهد العاجز) ([6]).

 


 ([1])منهاج الصالحين : 1 / 13 / مسألة 30

([2]) الاربعون حديثا في الغيبة ، الشيخ هادي طه : 13 .

 ([3])الحجرات : 12 .

 ([4])امالي الطوسي : 537

([5]) مجموعة ورام : 2 / 26 .

([6]) غرر الحكم ودرر الكلم : 1 / 143 .

 
  8 / ذو القعدة / 1445  |  2024 / 05 / 17        الزيارات : 4535631        صلاة الصبح |        صلاة الظهر والعصر |        صلاة المغرب والعشاء |