مجموعة النبراس الثقافية

عدد الزيارات : 575إقرأ لتعمل ولا تقرأ لتعلم فقط / بقلم : جسام السعيدي


في العلوم الدينية التي تحتاج لتطبيق قلبي أو جوارحي، بعد العلم بها، كالفقه، والعقائد، والأخلاق، يجب على الانسان أن لا يُركز بجهده ووقته على حفظ ما يعلم فقط - وإن كان مهماً عمل ذلك في بعض الأحيان- بقدر ما يركز على أن يعمل بما يعلم، سواء أكان العمل جوارحياً أو جوانحياً.

وعلينا أن نعلم أن تكليفنا الأساس هو العمل بما نعلم لا التعلم فقط، فإن تحقق العمل رسخ العلم ولو مضموناً، بخلاف ما لو حصل العكس، وقد قال الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام في هذا المضمار:

((الْعِلْمُ مَقْرُونٌ بِالْعَمَلِ فَمَنْ عَلِمَ عَمِلَ، وَالْعِلْمُ يَهْتِفُ بِالْعَمَلِ فَإِنْ أَجَابَهُ وَإِلاَّ ارْتَحَلَ))

(نهج البلاغة: الحكمة ٣٦٣).

لذا فأفضل طريقة في الاستفادة من تلك العلوم، أن لا نعبر آية أو مسألة او قاعدة أو حديثاً لمعصوم خلال القراءة، دون ان نختبر أنفسنا هل اننا نطبقه ام لا؟ فإن كنا كذلك حمدنا الله وانتقلنا لما بعده، وإلا حرصنا على ترسيخ ما نقرأه في أنفسنا اعتقاداً وعملاً وسلوكاً لننتقل لما بعده..

مع التأكيد على مصدر معلوماتنا، فيجب أن نأخذها من مصادرها الموثوقة، من النبي وآله عن طريق نوابهم العلماء، وليس كل من ادعى العلمية بعالم، كما علينا التقيد بوصية إمامنا الحسن العسكري عليه السلام في تشخيص مواصفات العالم الذي نرجع إليه بقوله (( فَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنَ الْفُقَهَاءِ صَائِناً لِنَفْسِهِ حَافِظاً لِدِينِهِ مُخَالِفاً عَلَى هَوَاهُ مُطِيعاً لِأَمْرِ مَوْلَاهُ فَلِلْعَوَامِّ أَنْ يُقَلِّدُوهُ، وذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْضَ فُقَهَاءِ الشِّيعَةِ لَاكُلَّهُمْ، فَإِنَّ مَنْ رَكِبَ مِنَ الْقَبَائِحِ وَ الْفَوَاحِشِ مَرَاكِبَ عُلَمَاءِ الْعَامَّةِ فَلَا تَقْبَلُوا مِنْهُمْ عَنَّا شَيْئاً وَ لَا كَرَامَةَ، وَإِنَّمَا كَثُرَ التَّخْلِيطُ فِيمَا يُتَحَمَّلُ عَنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ لِذَلِكَ، لِأَنَّ الْفَسَقَةَ يَتَحَمَّلُونَ عَنَّا فَيُحَرِّفُونَهُ بِأَسْرِهِ لِجَهْلِهِمْ، وَيَضَعُونَ الْأَشْيَاءَ عَلَى غَيْرِ وَجْهِهَا لِقِلَّةِ مَعْرِفَتِهِمْ وَ آخَرُونَ يَتَعَمَّدُونَ الْكَذِبَ عَلَيْنَا، ليجروا من عرض الدنيا ما هو زادهم إلى نار جهنم، ومنهم قوم نصاب لا يقدرون على القدح فينا فيتعلمون بعض علومنا الصحيحة فيتوجهون به عند شيعتنا، وينتقصون بنا عند نصابنا، ثم يضيفون إليه أضعافه وأضعاف أضعافه من الأكاذيب علينا التي نحن برآء منها فيقبله المستسلمون من شيعتنا على أنه من علومنا فضلوا وأضلوا، وهم أضر على ضعفاء شيعتنا من جيش يزيد عليه اللعنة على الحسين بن علي عليهما السلام وأصحابه، فإنهم يسلبونهم الأرواح والأموال، وهؤلاء علماء السوء الناصبون المتشبهون بأنهم لنا موالون، ولأعدائنا معادون يدخلون الشك والشبهة على ضعفاء شيعتنا، فيضلونهم ويمنعونهم عن قصد الحق المصيب، لا جرم أن من علم الله من قلبه من هؤلاء العوام أنه لا يريد إلا صيانة دينه وتعظيم وليه لم يتركه في يد هذا المتلبس الكافر، ولكنه يقيض له مؤمنا يقف به على الصواب ثم يوفقه الله)) (وسائل الشيعة ج : 27 ص : 132)

وعلى ذلك فيمكن ان نختصر ما قلناه بخصوص تلك العلوم التي تهدف لبناء الإنسان وتكامله دنيوياً وأخروياً، بعد تحصيل العلم من مصادره الصحيحة، بعبارة (إقرأ لتعمل ولا تقرأ لتعلم فقط).

 
  12 / ذو القعدة / 1445  |  2024 / 05 / 20        الزيارات : 4540356        صلاة الصبح |        صلاة الظهر والعصر |        صلاة المغرب والعشاء |