مجموعة النبراس الثقافية

ذات مساء .. وبعد يوم شاق من العمل .. عدت من المستشفى منهكاً ..

وفي الطريق تجاوزتني إحدى السيارات الحديثة .. لم أنتبه كثيراً للأمر لأنني كنت متعباً وأريد الوصول الى البيت .. إلا أن الملفت في الأمر قلت ذوق راكبها ؟! لأنه كان ينتهك حريتي وحرية الآخرين بأصوات الطرب المنبعثة من سيارته ..

بعد دقائق .. رأيت سيارة ملقاة على جانب الطريق .. كانت ذاتها السيارة التي تجاوزتني .. كان المنظر مروعاً .. السائق أصيب برأسه فتوفي من أثر الاصابة .. أشلاء منه تناثرت على الحطام .. والدماء قد لطخت المكان ..

ويقطع حاجز الصمت الذي تمالكني من فداحة المشهد صوت الأغاني التي تنبعث من سيارته ..كان الصوت عالياً جداً ..

لقد غادر السائق الحياة ولفظ آخر أنفاسه وهو يعصي الله ..

بعد ذلك المشهد المروع سرت في جسمي رعدة .. أيقنت فيها كم أن تطبيق قوانين الدين وتعاليمه تنجينا من هكذا نهاية بشعة ..

ليس عبثاً أن يُحرم الله الأغاني .. التي يُنتج صخبها وقلة الأدب في ألفاظها تهوراً في الغالب هكذا تكون نتيجته ..

كم هو رؤوف بعباده .. إذ حذرهم من الأخطار ..

كم يحبنا إذ أرادنا ان نحافظ على وقارنا وشخصيتنا من الخفة والتهور فنشعر بالإنسانية .. ونتجرد من الحيوانية ..

أدركت كم أن الموت قريب جداً .. فهو لا يمهلك حتى أن تودع الأحباب .. فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ ..

وَلَقَد تَّرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ   العنكبوت (35)